ترعرع عبد القادر مطاع بدرب السلطان وبالضبط في درب كرلوطي بالدار البيضاء في أسرة فقيرة مع أمه التي كانت تشتغل كطباخة في بيت أسرة فرنسية، وانقطع عن الدراسة في السنة الثانية الابتدائية ليشتغل كمستخدم في النجارة وفي إصلاح الدراجات العادية والنارية في مطحنة للملح، واشتغل أيضا كبائع للخضر وكمساعد للفتيات في صنع الزرابي، أي أنه عاش طفولة صعبة فقد فيها أباه مبكرا ولم يحتفظ فيها بذكريات جميلة.

ترعرع عبد القادر مطاع في هذا الدرب الذي أعطى العديد من الأسماء المشهورة في مختلف الميادين الفنية والرياضية والسياسية، وبدأ يشعر بميول إلي الفن الدرامي شيئا فشيئا من خلال متابعته لمختلف الأعمال الدرامية الإذاعية، وكان للكشفية فضل كبير في جعله يلج عالم التمثيل من خلال السكيتشات التي كان يشارك فيها مع رفاقه الكشافة، وهي مناسبة للإشارة إلى أن الكشفية والمخيمات الصيفية كانت فعلا مدرسة للانفتاح على الآخر وعلى المجتمع، وفضاء تربويا وفنيا اكتشفت فيه مواهب العديد من الفنانين المشهورين حاليا. سيكون أول لقاء مباشر لعبد القادر مطاع في عالم التمثيل مع الجمهور في مسرحية «الصحافة المزورة» بمساعدة الفنان محمد الخلفي والتي و جد فيها نفسه فجأة عاجزا عن الكلام فوق الخشبة من كثرة ارتباكه و خوفه من الجمهور الأمر الذي دفع بالفنان محمد الخلفي إلى صفعه، وهي واقعة يعتبرها عبد القادر مطاع من بين الأحداث الصعبة التي أحبطته كثيرا في بداية مشواره الفني وجعلته يقضي ليلة بيضاء في معاتبة و لوم نفسه ، ولكنها كانت سحابة صيف و أول وآخر خوف من الجمهور بعدما فتح له الفنان محمد الخلفي المجال للمشاركة في أعمال أخرى و ولوجه ميدان المسرح الاحترافي بمختلف مهنه انطلاقا من بداية الستينيات.

المسار الفني لعبد القادر مطاع مبصوم ببعض المحطات الرئيسية في مختلف الميادين المسرحية والإذاعية و التلفزيونية و السينمائية التي تألق فيها فوق الخشبة وأمام الكاميرا والميكرفون، إذ شخص الكثير من الأدوار التراجيدية و الكوميدية المختلفة و المتنوعة، وهو يعتز كثيرا ببعض الأعمال التي يعتبرها من الذكريات الجميلة مثل «أمجاد محمد الثالث» و «سيدي عبد الرحمان المجدوب».

من بين أهم هذه المحطات الرئيسية في مساره الفني قيامه بدور البطولة في الفيلم السينمائي المغربي «وشمة» من إخراج حميد بناني ، هذا الفيلم الذي أحدث ضجة إيجابية في عدة مهرجانات داخل المغرب وخارجه وفاز بجوائز مختلفة من بينها التانيت البرونزي لمهرجان قرطاج بتونس في سنة 1970، ومشاركته في مسلسلات و مسرحيات كثيرة كانت تبث في البداية مباشرة على شاشة التلفزيون، ومن أشهر المسلسلات التي شارك فيها في السنوات الماضية مسلسل «خمسة و خميس» الذي شخص فيه بأداء متميز شخصية الطاهر بلفرياط التي اشتهر بها كثيرا، و انضمامه إلى فرقة المعمورة للمسرح التي كانت تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة والتي عمق فيها تكوينه المسرحي إلى جانب نخبة من ألمع المسرحيين ببلادنا.

من أهم هذه المحطات أيضا في الميدان الإذاعي انضمامه إلى الفرقة الوطنية للتمثيل التابعة لدار الإذاعة والتلفزة المغربية التي تعلم فيها كيفية التمثيل أمام الميكرفون إلى جانب فنانين كبار من بينهم؛ العربي الدغمي وعبد الرزاق حكم وحمادي التونسي وحبيبة المدكوري وأمينة رشيد وغيرهم. كما كان أول من نطق من باريس في سنة 1980 بأول حرف معلنا انطلاق إذاعة البحر الأبيض المتوسط ميدي 1 التي اشتغل فيها بمدينة طنجة. و بالرغم من العدد الكبير من الأعمال المتنوعة التي أمتع بها الفنان عبد القادر مطاع جمهوره فهو مازال يشعر بأنه لم يعط لهذا الجمهور سوى عشرة في المئة من المخزون الفني الذي يملكه لكونه لم تتح له فرص كثيرة وأدوار مناسبة لتفجير شحنته الفنية و طاقته الإبداعية، وهو يتأسف و يعتذر عن ذلك للجمهور و يعتذر له أيضا نيابة عن كل الفنانين الذين رحلوا دون أن يتمكنوا من تفريغ كل ما لديهم من قدرات إبداعية نظرا لظروف العمل الفني ببلادنا ،خصوصا في كيفية اختيار الممثلين و الممثلات في الأعمال السينمائية و المسرحية و التلفزيونية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *